حديث امتلاء الجوف شعرا

من طرف ماجد1978 30/7/2015, 11:20 am

حديث امتلاء الجوف شعرا والمأزق التأوّلي

وقع النقاد والمفكرون في العصر الحديث- كما وقع القدامى- في مأزق تأوّلي فيما يخص أمورا كثيرة؛ منها الحديث النبوي الشريف المتعلق بامتلاء الجوف شعرا. فجرجي زيدان- مستندا إلى(العمدة) لابن رشيق- ينطلق مما يراه هو موقفا للرسول(ص) من الشعر، فيقول:"إن الرسول لم يكن راغبا في الشعر؛ لأنه من عوامل التفريق، وهو يدعو العرب إلى الاجتماع.[...] ومن أقواله(لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرا))، ولم يكن مع ذلك يبخس الشعر حقه[...] وقد قبح الشعر في الذين غلب الشعر على قلوبهم حتى شغلهم عن الدين وفروضه، وليس الشعر على إطلاقه. ولذلك فقد أبدى إعجابه به بقوله(إن من الشعر لحكمة)) يشير إلى الأشعار التي فيها تديّن أو دفاع عن الحق"( ). ومحمد مهدي البصير يصل- مستندا إلى(العمدة) أيضا- إلى القول:"وصفوة القول إن الإسلام أعرض عن الشعر وناوأه في أول عهده، ولكنه ما لبث أن أقبل عليه فأخذ بضبعه، ورفع من شأنه. ولئن كان النبي(ص) قد قال(لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خيرا من أن يمتلئ شعرا))، لقد قال أيضا(إن من الشعر لحكمة))"( ).ود.شوقي ضيف يصل- مستندا إلى(العمدة) أيضا- إلى القول:"فالقرآن لم يهاجم الشعر من حيث هو شعر، وإنما هاجم شعرا بعينه كان يؤذي الله ورسوله، وهو نفسه الذي قال فيه الرسول الكريم(لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا))، أما بعد ذلك فإن الرسول كان يعجب بالشعر، ويقول حين يسمع بعض روائعه: ((إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكما أو حكمة))"( ).

ومن منطلق مختلف تماما عن هذا الموقف من(إن من البيان لسحرا)، ينطلق أدونيس في قوله:"وفي الحديث(إن من البيان لسحرا)) ويعني أن من البيان ما يؤثر في العقل والقلب تأثير السحر. فكما أن الشاعر يموّه الحقيقة، ويزيّن الباطل حتى يظهره كأنه الحق، فإن المتكلم قد يسلب عقل السامع بمهارته، يشغله عن التفكير بما يقوله، حتى يخيّل إليه الباطل حقا والحق باطلا. وهكذا قد يستميل البيان عقل الإنسان وقلبه، كما يستميلهما السحر، وعن هذا النوع من البيان الذي يبدو في الشعر، يقول النبي، فيما يروى(لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا))، وتقول عائشة، فيما يروى عنهاإن النبي يشير هنا إلى الهجاء)"( ).

http://art.uobabylon.edu.iq/service_showarticle.aspx?pubid=3656